فتاوى مهمة للمعتمرين للشيخ/ابن عثيمين
فتاوى مهمة للمعتمرين
هذه بعض الفتاوى الّتي تهم المعتمرين لفضيلة الشّيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله.نسأل الله أن ينفع بها وتعم الفائدة لجميع المسلمين:
1) سؤال: نود أن نعرف حكم من تجاوز الميقات بدون إحرام؟
جواب: من تجاوز الميقات بدون حرام فلا يخلو من حالين: إما أن يكون مريدًا للحجّة أو العمرة، فحينئذ يلزمه أنّي رجع إليه ليحرم منه بما أراد من النّسك، الحجّ أو العمرة، فإن لم يفعل فقد ترك واجبًا من واجبات، وعليه عند أهل العلم فدية؛ دم يذبحه في مكة، ويوزعه على الفقراء هناك.
وأما إذا تجاوز وهو لا يريد الحجّ ولا العمرة، فإنّه لا شيء عليه، سواء طالت مدة غيابه عن مكة أم قصرت وذلك لأنّنا لو ألزمناه بالإحرام من الميقات في منظوره هذا، لكان الحجّ يجب عليه أكثر من مرة أو العمرة، وقد ثبت عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- أن الحجّ لا يجب في العمر إلا مرة وأن ما زاد فهو تطوع وهذا هو القول الرّاجح من أقوال أهل العلم في من تجاوز الميقات بغير إحرام، أي أنّه إذا كان لا يريد الحجّ ولا العمرة فليس عليه شيء، ولا يلزمه إلا الإحرام من الميقات.
2) سؤال: نود أن نعرف أركان العمرة؟
جواب: يقول العلماء: إن أركان العمرة ثلاثة: الإحرام والطّواف، السّعي. وأن واجباتها اثنان: أن يكون الإحرام من الميقات، والحلق أو التّقصير. وما عدا ذلك فهو سنن.
3) سؤال: متى يكون الاضطباع؟ هل هو من الميقات أو عند بداية طواف القدوم؟ وهل يستر عاتقيه قبل ركعتي الطّواف أو بعدهما؟ وهل يشرع الاضطباع في الطّواف فقد أم في الطّواف والسّعي؟ وما الحكم فيمن ترك الاضطباع؟
جواب: الاضطباع هو أن يخرج الإنسان الطّائف كتفه الأيمن ويجعل طرفي الرداء على الكتف الأيسر، وهو سنّة في طواف القدوم خاصّة، وليس بواجب فلو لم يفعل الإنسان فلا حرج عليه ولا يشرع إلا في الطّواف فإذا أتمّ الطّواف، فقبل أن يصلي ركعتي الطواف يستر منكبه ويكون الاضطباع في جميع الأشواط السّبعة بخلاف الرّمل فإنّه يكون في الثّلاثة الأشواط الأولى فقط.
4) سؤال: هل الرّمل في الأشواط الثّلاثة الأولى من طواف القدوم خاص بالرّجال أم عام للنّساء والرجال؟ وهل يعمم الرّمل الشّوط كلّه أو بعضه؟
جواب: الرّمل خاص بالرّجال فالناس لا يسنّ في حقهنّ الرّمل ولا السّعي الشّديد العلمين في المسعى، الرّمل -وهو خاصّ بالأشواط الثّلاثة الأولى من الطّواف ويستوعب جميع الشّوط يعني من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود؛ لأنه آخر فعل النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع أم في عمرة القضية فكانوا يرملون من الحجر إلى الرّكن اليماني ويمشون ما بين الرّكنين لأجل إغاظة قريش وقد كانت قريش في الجهة الشّمالية من الكعبة فإذا اختفى الصّحابة عنهم صاروا يمشون مشيًا ولكن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم-، في حجة الوداع رمل الأشواط كلها أي الأشواط الثّلاثة الأولى كلها (من الطّواف).
5) سؤال : حدد لنا المكان الّذي تصلي فيه ركعتا الطواف؟
جواب : ركعتا الطّواف يسن أني صليهما خلف المقام بأن يجعل المقام بينه وبين البيت وإن قرب من المقام فهو أفضل، وإن لم يتيسر له فإنّه يجزي أن يصليهما وإن كان بعيدًا عن المقام المهم أن يجعل المقام بينه وبين البيت فإن لم يتيسر ذلك أيضًا وصلاهما في أي مكان من المسجد فلا حرج.
6) سؤال: ما هو الدّعاء المشروع للطّائف بين الرّكن اليماني والحجر الأسود؟
جواب: المشروع: ربنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار. أمّا تكملة الدّعاء (وأدخلنا الجنّة مع الأبرار). فهذا لا أصل له وكذلك (يا عزيز يا غفّار ياربّ العالمين) ولكن إذا قدر أن الإنسان قال: ربنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار ولم يصل إلى الحجر بأن كان المطاف مزحومًا مثلًا يكرر هذا الدّعاء مرة بعد أخرى حتى يصل إلى الحجر الأسود.
7) سؤال: ما هو الدّعاء والذكر المشروع عند الصّفا والمروة، وهل يرفع يديه عند الدّعاء والتّكبير وما كيفية ذلك، وما القدر المجزيء صعوده في كل من الصّفا والمروة، وهل تسرع النّساء أو من معه نساء بين العلمين الأخضرين، وهل هناك دعاء مشروع في أثناء السّعي، وما الحكمة في السّرعة بين العلمين الأخضرين؟
جواب: هذا السّؤال يشتمل على عدة نقاط. وجوابه أن المشروع عند الصّفا والمروة أن الإنسان إذا دنا من الصّفا في أول ابتداء السّعي فإنه يقرأ قول الله -تعالى-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158]. ابدأ بما بدأ الله به ثم يصعد الصّفا حتى يرى البيت ثم يرفع يديه كرفعهما في الدّعاء ويكبر ويقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له المك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قديرٍ، لا إلا إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده. ثمّ يدعو بما شاء ثم يعيد الذّكر مرة ثانية ثم يدعو بما شاء ثم يعيد الذّكر مرةً ثالثةً ثم ينزل ماشيًا إلى العلم الأخضر فإذا وصل العلم الأخضر سعى سعيًا شديدًا أي ركض ركضًا شديدًا إلى العلم الآخر ثم مشى على عادته إلا النّساء فإنّهن لا يسرعنّ بين العلمين وكذلك من كان مصاحبا للمرأة لا يسرع من أجل مراعاة المرأة والحفاظ عليها وإذا أقبل على المروة لا يقرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158]. وكذلك إذا أقبل على الصفا في المرة الثّانية وما بعدها لا يقرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158]؛ لأن ذلك لم يرد، ويدعو في سعيه بما أحب وله أن يقرأ القرآن وأن يذكر الله -عزّ وجلّ- ويسبح ويهلل ويكبر فغذا وصل على المروة صعد عليها وفعل مثل ما فعل على الصّفا.
أما القدر الّذي يكفي للصّعود على الصّفا والمروة فهو أن يرقى حتى يرى البيت أي الكعبة وهذا يحصل بأدن قدر من الصّعود. الرّقي سنّة وليس بواجب وإنّما الواجب أن يستوعب ما بين الصّفا والمروة والحكمة من السّعي بي العلمين اتباع سنّة النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- وتذكر حال أم إسماعيل حيث كانت إذا هبطت الوادي وهو ما بين العلمين أسرعت لكي تلاحظ ابنها إسماعيل والقصة مطولة في صحيح البخاري.
8) سؤال: هل يجوز أن أقص شعري في المروة بعد نهاية السّعي، وهل يجزئ حلق أو قص بعض الرّأس، وماذا يفعل من كان أصلع أو محلوق الرّأس؟ وهل يجوز للسّاعي والطّائف الاستراحة إذا تعب أثناء السّعي أو الطّواف، وأيهما أفضل الحلق أم التّقصير مع دليل ذلك؟
جواب: إذا فرغ الإنسان من السّعي وكان في عمره فإنه يحلق أو يقصر والحلق أفضل؛ لأنه أبلغ في تعظيم الله، ولأن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم-، دعا للمحلقين ثلاثًا وللمقصرين مرة.
ومن كان أصلع أو حلق رأسه فإنّه يسقط عنه الحلق أو التّقصير؛ لأنه لا شعر له وهذا في الأصلع، ظاهر لأن الأصلع لا ينبت شعره وأما من كان شعر رأسه محلوقًا فإنّه قد يقال إنه يجب عليه أن ينتظر حتى ينبت أدنى نبات ثم يحلق.
وأما حلق بعض الرّأس أو تقصير بعض الرّأس فلا يجزئ؛ لأن الله -تعالى- قال: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27]. فلا بد من أن يكون الحلق أو التّقصير شاملًا جميع الرّأس وأحسن ما يقصر به وأعمّه أن يكون التّقصير في المكائن المعروفة الّتي يستعملها النّاس اليوم؛ لأنها يحصل بها التّقصير العام وعلى وجه متساوي فهي أحسن من المقص وقولنا إن الحلق أفضل: هذا بالنسبه للرّجال أما النّساء فليس في حقهنّ إلا التّقصير.
وإذا تعب السّاعي أو الطّائف وجلس فإنّه لا يضره ولكن يلاحظ أنّه لا يجلس جلوسًا طويلًا ولكن يجلس قليلًا حتى يرتد إليه نفسه وترتاح أعصابه ثم يواصل وإن احتاج إلى جلسة أخرى فلا بأس أو ثالثة أو رابعة.
9) سؤال: ما حكم مسح الوجه باليدين بعد الدّعاء على الصّفا والمروة أو بعد الدّعاء مطلقًا؟
جواب: الصّحيح أن مسح الوجه باليدين بعد الدّعاء ليس بمشروع؛ لأنه لم يثبت عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- في ذلك شيء.
10) سؤال: ما حكم الإخلال بشيء من واجبات الحجّ أو العمرة؟
جواب: الإخلال بشيء منها إذا كان الإنسان متعمدًا، الإثم والفدية كما قال أهل العلم؛ شاة يذبحها ويفرقها في مكة، وإن كان غير متعمد، فلا إثم عليه، لكن عليه الفدية، يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء؛ لأنه ترك واجًبا له بدل، فلما تعذر الأصل، تعين البدل، هذا هو قول أهل العلم فيمن ترك واجبًا، أن عليه فدية، يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء.
11) سؤال: هل يجوز للحائض دخول المسجد الحرام أم لا؟ وماذا تصنع إذا أحست بنزول دم الحيض ومع الطواف؟
جواب: لا يجوز لها أن تدخل المسجد الحرام إلا مارة به فقط وأما المكث للطّواف أو لسماع الذّكر أو التّسبيح أو التّهليل فإنّه لا يجوز وإذا أحست بنزول دم الحيض في أثناء الطّواف فإنّها تستمر في طوافها ما دامت لم يتتيقن أنه خرج الحيض فإن تيقنت أنّ الحيض قد خرج منها فيجب عليها أن تنصرف وتنتظر حتى تطهر فإذا طهرت ابتدأت الطّواف من جديد.
12) سؤال: هل طواف الوداع للمعتمر في رمضان وغيره واجب أم لا؟ وما هو الأحوط في ذلك؟
جواب: الصّحيح أن طواف الوداع للمعتمر في رمضان أو غيره واجب ولكن إذا كان الإنسان يريد أن يغادر فور انتهائه من عمرته فإن الطّواف الأول كاف.
13) سؤال: ما الحكم فيمن حاضت بعد وصولها لمكة وأهلها يريدون السّفر من مكة فهل ينتظرون أم يسافرون سواء كانت مسافة قصر أم لا؟
جواب: إذا حاضت قبل أن تطوف فإنّها تبقى حتى تطهر ثم تطوف وتكمل العمرة إلا إذا كانت قد أشترطت عند الإحرام إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني فإنّها في هذه الحالة تتحلل وتخرج مع أهلها ولا حرج عليها.
14) سؤال: ما حكم كشف الحاجة والمعتمر لوجهها مع وجود الرجال الأجانب؟
جواب: حرام عليها ذلك فلا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها عند الرجال لأجانب لا في حجٍّ ولا في عمرةٍ ولا في غيرهما.
15) سؤال: ما حكم لبس المرأة البرقع واللثام حال الإحرام؟
جواب: أما البرقع فعد نهى النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- أن تتنقب المرأة وهي محرمة واللثام من باب أولى وعلى هذا فتغطى وجهها غطاءً كاملًا بخمارها إذا كان حولها رجال أجانب فإن لم يكن حولها رجال أجانب فإنها تكشف وجهها.
لفضيلة الشّيخ
محمد بن صالح العثيمين